لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
109469 مشاهدة
هدي النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة

ولكن السنة أن يأتي مبكرا فالنبي -صلى الله عليه وسلم- خرج من منى بعدما طلعت الشمس، وتوجه إلى عرفة ولما أتى عرفة وجد قد بنوا له قبة بنمرة فنزل بها ونزل الحجاج حوله.
ثم إنه لما زالت الشمس خطب الناس خطبة واحدة، ولكنه أطال فيها وعلمهم ما يحتاجون إليه، وذكرهم نعمة الله عليهم، وذكرهم بما كانوا فيه من الجاهلية الجهلاء، وبين لهم ما حرم الله تعالى عليهم؛ فوضع كل المحرمات، فقال عليه الصلاة والسلام: كل ربا من ربا الجاهلية فإنه موضوع، وأول ربا أضعه ربا العباس .
وكان للعباس ديون عند الناس فيها ربا، بمعنى أنه إذا حل الدين جاء إليه وقال: أعطني وإلا زدت عليك: إما أن تعطي وإما أن تربي، فأمرهم الله تعالى بأن يأخذوا رءوس الأموال، ويتركوا ما زاد عليها؛ لأنه ربا.
كذلك قال: كل دم من دماء الجاهلية فإنه موضوع، وأول دم أضعه دم أحد بني هاشم الذي قتلته هذيل فوضع ما كان من أمر الجاهلية.
وهكذا أيضا أوصاهم بما أوصاهم به مما أمره الله، فأوصاهم بالنساء خيرا وقال: إنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن لا تحبون، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ثم ذكرهم أيضا بما كانوا عليه في الجاهلية.
ثم إنه بعد ذلك قال لهم: ليبلغ الشاهد منكم الغائب؛ فرب مبلغ أوعى من سامع ثم قال لهم: ألا هل بلغت قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال: اللهم اشهد وهكذا.
ثم بعد ذلك صلى بهم الظهر والعصر في وقت الأولى، أي في وقت الظهر جمع تقديم، والحكمة في ذلك أن يطول زمن الوقوف وزمن الدعاء، وبعد ذلك ركب ناقته القصواء، ثم توجه إلى مكان الوقوف الذي وقف فيه، وما حاط جبل الرحمة عند الصخرات الكبار ووقف عنده، أو معه كثير من صحابته، واستمر واقفا إلى إن غربت الشمس وهو يدعو ربه رافعا يديه.
وكذلك من كان معه كانوا رافعين أيديهم يدعون الله تعالى، حتى ذكر بعضهم: أنه كان ممسكا بخطام ناقته، فسقط الخطام منه، فتناوله بإحدى يديه والأخرى لا تزال مرفوعة.